«فرحتنا بثورة 25 يناير لم تكتمل إلا اليوم عندما استعدنا أراضينا»، هكذا يعبر أهالى الضبعة عن أنفسهم بعد أن اقتحموا سور محطة الضبعة النووية، والتى يوصفونها بأنها «سجن كبير ظللنا وراء أسلاكه ثلاثة عقود هى نفس عمر النظام الذى تجبر علينا وهجرنا من أراضينا وتركنا للتهميش بكل أنواعه، فلا تعليم ولا فرص عمل ولا سكن، بدعوى المشروع القومى النووى المصرى».
كل التقدير لقوات الجيش
عبدالله أبوالسلوى، أحد أبناء الضبعة الذين طردوا من أرضهم قبل عشر سنوات، وتحول منزله لاستراحة خاصة بالعاملين بهيئة الطاقة الذرية، أكد انه وجميع أبناء الضبعة يكنون كل احترام وتقدير لكل رجال القوات المسلحة بمن فيهم من كانوا يقومون بتأمين موقع المحطة، موضحا أن انسحاب الجيش من أرض المحطة بعد اقتحام السور كان بناء على رغبة قيادات القوات المسلحة وليس بناء على طلب الأهالى مشيرا إلى الاشتباكات التى وقعت بين أفراد الجيش وبعض الصبية بالتراشق بالحجارة كانت وليدة اللحظة وليست نتيجة عمل تم ترتيبه مسبقا.
الوهم النووى لخدمة رجال الأعمال
حمدى أبورواق عبدالوكيل، موظف فى الجهاز الإدارى بالدولة، يصف ما كانت عليه أرض محطة الضبعة النووية قبل تهجير الأهالى وبناء السور «الذى كان بمثابة جدار عازل بيننا وبين ماضينا وحريتنا»، حسب قوله، ما يقرب من 7 آلاف شجرة زيتون و5 آلاف شجرة تين وألفا شجرة لوز مثمرة «كل هذا تعرض للهلاك بعدما طردنا وأهالينا قصرا من ديارنا إلى خارج السور بحجة إنشاء مشروع قومى نووى يخدم الصالح العام، وبمرور الوقت تأكدنا انه وهم كبير تم الإعلان عنه لخدمة فئة بعينها وهى رجال أعمال الحزب الوطنى المنحل».
يكمل أبورواق: «عندما صدر القرار الجمهورى رقم 36 لسنة 1981م كانت المساحة المخصصة للمفاعل المزعوم 7.5 كيلومتر مربع فقط وبمرور الوقت ظلت مساحته تتسع حتى بلغت 45 كيلو مترا، وهى مساحة تكفى لإنشاء مدينة عاصمة وليست محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية أو حتى مفاعل نووى ليتم بعد ذلك تهجير ألف أسرة من ديارهم والتى هدمت جميعا باللوادر خلال 24 ساعة فقط فى عام 2000 حيث بلغ عدد البيوت التى هدمت 600 بيت وكان مبلغ التعويض عن كل بيت حينذاك 2000 جنيه فقط مؤكدا أننا لسنا ضد أى مشروع يخدم المصلحة العامة ولكننا ضد المبالغة فى مساحته التى كانت ستخصص فيما بعض لرجال أعمال الحزب المنحل».
مصيف نووى خاص
ويقول عبدالله فايز أبوشعفة إن أهالى الضبعة «يعتمدون فى الأساس على الزراعة والرعى والصيد بكافة أنواعه، وهى الأنشطة التى حرم منها الأهالى بعد طردهم بالقوة وهدمت بيوتهم أمام أعينهم وردم ثمانى آبار مياه الرومانى كانت تروى منها زراعتهم وأصبح الآن بعضهم يعيش فى عنابر مزارع الدواجن وتحولت أراضيهم المثمرة إلى صحراء جرداء عليها سور من المبانى يحيط به سور آخر من الأسلاك الشائكة وعندما دخلنا لم نجد سوى مجموعة من الشاليهات والمصايف الخاصة بالعاملين بهيئة الطاقة الذرية بطول الشاطئ حيث ملاعب الكرة وملاهى الأطفال الترفيهية وكأن هذا هو نتاج ثلاثة عقود من تهجير الأهالى وهدم بيوتهم وآبارهم وهلاك زرعهم فلا يوجد مفاعل ولا حتى معامل إنما صحراء بها مجموعة من الوحدات الإدارية والسكنية والمصيفية فقط ولم نكن ندرى أننا عانينا كل صنوف التهميش والتجاهل من أجل أن يقضى بعض موظفى هيئة الطاقة الذرية أجازة صيف على شاطئ خاص يصل طوله 15كم ويضيف أبو شعفه أن تجاهل مطالب المعتصمين من أهالى الضبعة طيلة 35 يوما وحالة اللامبالاة التى تعامل بها المسئولون مع المعتصمين هى التى دفعتهم إلى اقتحام السور بعد أن يأسوا من اهتمام القيادات بمعاناتهم».
ثورة 25 يناير طوق نجاة
فى داخل إحدى الخيام البدوية، يجلس مسعود غيث حميدة، أحد الذين أجبروا على الرحيل عن منزلهم وأسرته فى عام 1981م مع بداية تخصيص أرض المفاعل، يقول الرجل: «طردنا من أرضنا بالقوة، حيث كنت وعائلتى نمتلك 100 فدان، مزروع فيها 10 آلاف شجرة، منها خمسة آلاف تين ومثلها زيتون وكان عددنا حينذاك 20 فردا نسكن فى ثلاثة بيوت هدمت كلها أمام أعيننا كما هدم قبلها بئر المياه الذى كنا نعيش منه وتم صرف تعويض 25 قرشا للشجرة المثمرة و2000 جنيه للبيت ومنذ ذلك الوقت لم نر أرضنا مرة أخرى إلا عندما هدمنا السور ولن نغادرها إلا بالموت، فبعد ثورة 25 يناير لم يعد هناك مجال للخوف».
يكمل الرجل: «ثورة الشباب كسرت كل حواجز الخوف، فى الماضى من كان منا يتفوه بكلمة كانت أجهزة الأمن القمعية تسكته أما بالاعتقال أو بتدبير وتلفيق القضايا، يكفى ما عانيناها من تهميش فلا تعليم ولا فرص عمل. سنزرع من جديد أرضنا التى بارت ونبنى عليها بيوتنا التى هدمت أمام أعيننا».
الاقتحام بعد اليأس من اللامبالاة
يعتبر أهالى الضبعة أن مدينتهم تحولت ما بين سور النووى شمالا وسور مطار العلمين جنوبا، تحولت إلى سجن كبير، هكذا تحدث منصور أبو شعفة رئيس محلى مركز مدينة الضبعة، مضيفا أن الأهالى اقتحموا السور من يأسهم بعدما حاصرتهم أسوار المطار والمفاعل حيث كل عام يتزايد عدد السكان بينما مساحة الأرض كما هى».
يكمل الرجل: «انتظرنا ثلاثين عاما حتى ينشأ المفاعل النووى الذى كان من الممكن أن يوفر لنا بعض فرص العمل لكن دون أى تقدم ملموس على أرض الواقع».
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
0 التعليقات: