ضياء رشوان يكتب : مهمة أولى لمجلس الشعب

بعد خمسة أيام يجتمع مجلس الشعب الجديد ليكتمل تكوين المؤسسة الأولى فى النظام الجديد بعد الثورة. وأمام المجلس، ومعه مجلس الشورى بعد انتخابه، مهام ثقيلة لتأسيس قواعد النظام الجديد الدستورية والتشريعية، فليس فقط مهمة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور هى التى ستكون الأهم والأثقل على كاهل البرلمان، بل أيضاً أن يقوم بإعادة صياغة وتنقيح وتحديث جميع التشريعات والقوانين التى تشكل النظام السياسى المصرى بأركانه المختلفة.
فالقوانين والتشريعات التى تشكل ملامح هذا النظام بأركانه المختلفة من سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية وأحزاب ونقابات وجمعيات أهلية وصحافة وإعلام وحقوق - كثيرة للغاية وبعضها قديم متهالك يعود لبداية القرن العشرين، وبين بعضها والبعض الآخر تناقضات وتداخلات يجب فكها.
من هنا فإن إعادة بناء النظام السياسى المصرى الثورى على قواعد جديدة تستلزم أن تكون المهمة الأولى التى ينشغل بها مجلس الشعب هى أن يشكل لجنة خاصة لحصر جميع التشريعات المحددة للنظام المصرى، ودراستها بما يكفل وضع جدول زمنى لإعادة صياغتها وإصدارها فى صياغات ومضامين جديدة حديثة تتناسب مع العصر ومع مقتضيات الثورة المصرية العظيمة وحقوق وطموحات الشعب المصرى فى بناء نظام سياسى حر وديمقراطى وفعال وتعددى.
ويمكن للمجلس أن يستفيد من الفترة التى ستجرى فيها انتخابات مجلس الشورى قبل انعقاده فى بداية شهر مارس القادم لكى يكمل هذا الحصر والتصنيف، حتى تكون قائمة التعديلات والتحديثات جاهزة للعرض على المجلسين لإقرار التشريعات الجديدة لنظام الثورة السياسى، لأنها كلها من القوانين المكملة للدستور التى يجب عرضها وموافقة المجلسين عليها.
وفى حالة قيام مجلس الشعب بمهمة حصر التشريعات المحددة للنظام السياسى كلها، وقبل أو أثناء البدء فى تعديلها وتحديثها وتوحيدها مع مجلس الشورى، يمكن لمجلسى البرلمان اللجوء إلى آلية لجان الاستماع أو تشكيل لجان مشتركة بين أعضاء البرلمان وبعض ممثلى القوى والأحزاب السياسية والمتخصصين فى الدراسات الدستورية والسياسية، لكى يتسع الحوار حولها قبل إقرار صياغتها الأخيرة.
ومن شأن هذا الأمر أن يخلق أوسع درجة من التشاور والتوافق من مختلف أطياف المجتمع السياسية والاجتماعية حول أركان وقواعد النظام السياسى الجديد للثورة، الذى سيضم الجميع بداخله بحيث لا يشعر أى طرف أنه استُبعد من المشاركة فى وضعها، أو أن آخرين انفردوا بما يجب أن يتشارك المصريون جميعاً فى إقامته.
إن هذه المهمة العاجلة والضرورية لا تتوقف على الانتهاء من صياغة دستور البلاد الجديد، بحيث يقول البعض بتأجيلها لحين الانتهاء من صياغته والاستفتاء عليه. فمن ناحية، فإن مجرد حصر وتصنيف التشريعات الحالية المشكلة للنظام السياسى هو أمر لابد منه حتى يتاح بسهولة بعد ذلك تعديلها وتحديثها، أيا كان مضمون مواد الدستور الجديد.
 ومن ناحية ثانية، فإن البدء فى تعديل بعض تلك التشريعات قبل الانتهاء من صياغة الدستور الجديد هو أمر ممكن بل ضرورى، حيث إن هناك مبادئ عامة قامت عليها الثورة المصرية لا خلاف عليها بين القوى السياسية والاجتماعية، وفى مقدمتها الحريات العامة من حرية التعبير والرأى والتنظيم السياسى والترشيح والانتخاب وتداول السلطة وغيرها من مبادئ عامة لا يمكن أن يخلو منها الدستور القادم لمصر الثورة.
diaarashwan@gmail.com
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad