د.محمد فتوح رئيس جمعية أطباء التحرير: تأسيس أول مستشفى ميدانى بالتحرير جاء بشكل عفوى.. وشاهدنا عددًا كبيرًا من إصابات القناصة.. ووزارة الصحة لم تقدم دوراً حقيقياً خلال أحداث الثورة

مستشفى ميدانى بالتحرير - صورة أرشيفية
أكد د.محمد فتوح، رئيس جمعية أطباء التحرير، أن بداية تأسيس المستشفى الميدانى أول أيام الثورة جاء بشكل عفوى، فى الوقت الذى لم تقدم فيه وزارة الصحة دورا حقيقيا خلال تلك الأحداث، مضيفا أن عددا من الأطباء تعرضوا للاعتقال والإصابة، كما لن يتم استقبال أى متطوعين فى المستشفى الميدانى إلا من خلال تسجيلهم فى الجمعية، وذلك بعد اكتشاف فيه وجود "اختراقات أمنية"، كما كشف فى حواره لـ"اليوم السابع" عن دلائل وجود القناصة يومى 29 يناير و2 فبراير.
فى البداية، ما استعدادات المستشفى الميدانى لمظاهرات 25 يناير المقبلة؟
قمنا بالعديد من الاستعدادات، على رأسها تدريب أعضاء جمعية اطباء التحرير، بالإضافة إلى 50 من المتطوعين الجدد، بحيث يعتمد عليهم كفرق طبية أساسية فى حالة الطوارئ، بحيث يقوموا بالدخول إلى مواقع الاشتباكات لإنقاذ المصابين، إلا أنى فى الوقت نفسه لا أتوقع وقوع إصابات كثيرة أو خطيرة، لكننا فى جميع الأحوال نريد توصيل رسالة بأننا مستعدون لأى عنف قد تقدم عليه قوات الأمن.
وماذا عن الأدوية والمستلزمات الطبية؟
لم ننته من إعداد صيدلية المستشفى حتى الآن، لكن لدينا مخزون كبير من الأدوية والمستلزمات الطبية منذ أحداث محمد محمود، ولا نتوقع أن نحتاج لإحضار المزيد، لكن فى حالة نقص أى نوع من الأدوية، سنعلن ذلك بشكل رسمى من خلال أحد المسئولين فى "أطباء التحرير"، أو من خلال موقعنا الرسمى.
حدثنى عن تأسيس أول مستشفى ميدانى خلال ثورة 25 يناير؟
فكرة تأسيس أول مستشفى ميدانى خلال الثورة جاءت بشكل عفوى تماما، حيث شاركت خلال مظاهرات 25 يناير، عندها تعرفت على مجموعة من الأطباء أثناء علاجنا لبعض الإصابات الطفيفة التى وقعت خلال هذا اليوم، وقررنا تنظيم أنفسنا بحيث نصبح وحدة طبية صغيرة لمساعدة المصابين خلال المظاهرات المقبلة، إلا أن هذا الترتيب فشل تمامًا بسبب قطع الاتصالات يوم 28 يناير، مما ترتب عليه عدم وصول أعضاء المجموعة لبعضهم البعض، عندها خرج كل طبيب منفردًا فى المسيرات، وهو يحمل بعض الأدوية والمستلزمات الطبية.
إذًا كيف تأسس المستشفى الميدانى بمسجد عباد الرحمن؟
عقب وصول المسيرات إلى ميدان التحرير مساء جمعة الغضب، انطلقت استغاثة من ميكروفون المسجد تطالب بحضور أى طبيب متواجد بالميدان لمساعدة المصابين، عندها توجه الأطباء للمستشفى، وهنا كانت البداية الحقيقية للمستشفى الميدانى، حيث بدأت تلك المجموعة بتنظيم الموقع وتقسيمه لتخصصات مختلفة، وإنشاء صيدلية واستقبال الأطباء والمتطوعين الجدد، إلا أن المستشفى الميدانى ظهر بشكله المعروف بداية من يوم 30 يناير.
هل قدمت لكم وزارة الصحة أى دعم خلال تلك المرحلة؟
إطلاقًا، فوزارة الصحة لم تقدم أى دور خلال أيام الثورة، حتى نقل المصابين للمستشفيات كان يتم عن طريق سيارات الأهالى وليس سيارات الإسعاف، وحتى الآن لا تعرف الوزارة ما هو دورها تحديدا وتتعامل بشكل "هوجائى" تمامًا، وتعتقد أنها أدت ما عليها بتوفير سيارات إسعاف، لأنه لو الأمر اقتصر على نقل المصاب فيمكننا الاستعانة بسيارات "ليموزين"، لكن الوزارة لا تمتلك أى خطة للكوارث أو الطوارئ، لأن من المفترض أن تقوم هى بإنشاء المستشفيات الميدانية، ونحن حاولنا كجمعية مساعدة الصحة فى إعداد خطة طوارئ على الرغم من أنهم لم يطلبوا منا ذلك، لكننا فوجئنا بعدم وجود أى نية لإتمام هذا التعاون.
عقب موقعة الجمل، تم حصار ميدان التحرير فهل أدى ذلك إلى نقص فى الأدوية المتاحة بالمستشفى؟
لم يحدث أى نقص، وذلك لأن التبرعات التى كانت ترد للمستشفى كانت أكثر بكثير من احتياجاتها، لكن هذا الوضع دفعنا لنشر وحدات طبية صغيرة بالقرب من مداخل الميدان التى كانت تتعرض لهجوم من البلطجية، وذلك لاستقبال المصابين مباشرة.
ما أصعب الإصابات التى استقبلها المستشفى؟
خلال يومى 29 يناير و2 فبراير، استقبلنا عددا كبيرا من الإصابات كانت نتيجة رصاص "قناصة"، والذى يحدث تدميرا كبيرا فى الجزء الذى يصيبه، وإصابته دائما ما تكون مميتة، على عكس الرصاص الـ9 مللى، والذى لا يؤدى إلى الموت إلا فى حالة الإصابة فى مقتل، بالإضافة إلى إصابات العيون.
وهل استقبل المستشفى إصابات جديدة من نوعها؟
فى أحداث محمد محمود واجهتنا مشكلة كبيرة، وهى إطلاق أنواع مختلفة من الغازات فى نفس الوقت، على الرغم من اختلاف التأثيرات التى يحدثها كل نوع عن الآخر، مما أدى إلى عدم معرفتنا للأعراض التى يمكن أن يسببها ذلك ونوع العلاج المطلوب، عندها اعتمد كل طبيب فى علاجه على الأعراض المتواجدة أمامه.
وماذا عن غاز الأعصاب؟
وزارة الصحة نفت استقبالها لحالات "تشنج" بسبب استنشاق الغاز، والمستشفى الميدانى أعلن ذلك، والاثنان صادقان، حيث إن الحالة كانت تنقل بعد حوالى ساعة من استقبالها بالمستشفى الميدانى، بعد أن تكون انتهت حالة التشنج التى تعانى منها، وهذا ما يثبت عدم تواجد أطقم وزارة الصحة بشكل حقيقى خلال الأحداث.
ما الحالة التى لايمكن أن تنساها؟
كانت لمصاب استقبلته الوحدة الطبية بميدان عبد المنعم رياض، والتى أطلق عليها وحدة الشهداء لاستقبالها 9 منهم يوم موقعة الجمل، حيث كان رأسه مغطى بالشاش والقطن ومليئا بالدماء، ونتيجة للظلام وصعوبة الموقف، ظننا أنه مازال حيا وتوجهنا لإسعافه، عندها حضر أحد الأشخاص وفى يده قطعة قماش كبيرة وسألنا ماذا تفعلون، قلنا له نقوم يإسعاف المصاب، فسألنا باندهاش "هو ينفع؟"، تعجبنا من سؤاله، لكننا عرفنا قصده عندما وضع قطعة القماش على صدره، عندها فوجئنا أنها تحتوى على "مخ بشرى كامل"، وأن جمجمة هذا الشاب المغطاة بالقطن فارغة تمامًا، نتيجة لإصابته برصاصة قناص، هذا الموقف أدى إلى فقدان أحد الأطباء لوعيه.
وهل تعرض الأطباء للإصابة خلال الأحداث؟
بعض الأطباء أصيبوا خلال تأدية عملهم، لكن لم يتم تسجيل إصابات خطيرة باستثناء أحد المسعفين الذى أصيب خلال أحداث مجلس الوزراء بطلق نارى، أدى إلى استئصال الكلى وجزء من القولون، وطبعا لا يمكن أن نغفل الشهيد علاء عبد الهادى، الذى استشهد خلال مساعدته للمرضى.
لكن عددًا من الأطباء تعرضوا للاعتقال؟
كلامك صحيح، لكنه كان احتجازًا لعدة ساعات دون اعتقال، ماعدا حالة د.أحمد حسين، عضو مجلس الأطباء، الذى اعتقل لعدة أيام.
تعرض المستشفى الميدانى للاعتداء من قبل الأمن خلال أحداث محمد محمود، فهل تتوقع تكرار ذلك خلال المظاهرات المقبلة؟
ذلك وارد جدًا، على الرغم من أن القانون الدولى يمنع الاعتداء على الأطقم الطبية، ونحن كأطباء ليس لدينا أى إمكانيات للدفاع عن أنفسنا، لكن الاعتداءات لا تتوقف سواء من خلال قوات الأمن الرسمية أو من خلال البلطجية الذين يقومون بإرسالهم لتشويه صورة الميدان، وتتراوح تلك الاعتداءات ما بين الجسدية أو اللفظية، أو من خلال الاندساس بين المتطوعين لإفساد عمل الأطباء.
معنى ذلك أن المستشفى الميدانى يعانى من الاختراق الأمنى؟
هذا حقيقى، لذلك قررنا عدم قبول أى متطوعين جدد إلا من خلال جمعية أطباء التحرير، حيث يسمح للمتطوع بالمشاركة بعد معرفة كافة بياناته وتلقيه دورة تدريبية من خلالها، وبسبب تلك الاختراقات الأمنية قررنا الامتناع عن كتابة أسماء المصابين فى كشوف التوثيق الخاصة بنا، مع الاكتفاء بتوثيق الإصابة ونوعها فقط.

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad